الرئيسيةاليوميةمكتبة الصورس .و .جبحـثقائمة الاعضاءالتسجيلدخول

الجمعة، 6 مارس 2015

4 الشاعروالناقد أحمد العمراوي الخميس، 5 مارس، 2015

ملف :الثقافة المغربية بين ضبابية الواقع وتطلعات المستقبل إعداد عبده حقي

4 الشاعروالناقد أحمد العمراوي الخميس، 5 مارس، 2015

نشر في : 10:18 م |  من طرف ABDOUHAKKI

السبت، 1 مارس 2014

إلى مصطفى المسناوي (الله يرحمك) الدكتور محمد جسوس حي يرزق
محمد الشاوي 
باقتراح من الكاتب
بكل صدق، لربما كنت أتحين الفرصة لأرد بعض من جميل أستاذنا الدكتور محمد جسوس المفكر، الباحث، المثقف، الموجه، السوسيولوجي، المناضل النقابي والسياسي، إذ لا يمكن التحقيب سواء للعمل السياسي، وبالضبط الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أو السوسيولوجيا بالمغرب، دون ذكر اسم الدكتور محمد جسوس لما يتسم به من روح العمل والخلق والإبداع والأخلاق العالية والصراحة الفوق عادية، فهو علم ومنارة شامخة، لم يبخل قط عن المناضلات والمناضلين بالأفكار النيرة ودعاباته الهادفة أثناء استحضار بعض الأمثلة الشعبية والمصطلحات الجديدة أثناء اللقاءات الفكرية والسياسية بالأقاليم، أو حين انعقاد دورات اللجنة المركزية للشبيبة الاتحادية أو الدورات التكوينية أو الأوراش أو وسط طلبته، إذ يعتبر الدكتور محمد جسوس قريبا جدا من الشباب، ينصت إليهم بإمعان، ويطلق لأفكاره كل العنان.
محمد جسوس رأى النور بالمدينة العتيقة بفاس سنة 1938 ويعتبر الابن البكر وسط أسرة تضم سبعة أفراد، حفظ القران الكريم في السابعة من عمره، وحاصل على شهادتين ابتدائيتين سنة 1942 والثانية سنة 1952 بمدرسة أبناء الأعيان، وكان محمد جسوس تلميذا نجيبا متفوقا يحصد جميع الجوائز طيلة دراسته، يكفي أن نذكر هنا أن مجلس الأساتذة قرر السماح لهذا التلميذ تجاوز قسمين بدون امتحان أثناء التحاقه بثانوية مولاي ادريس (5 سنوات عوض 7 سنوات ).
انخرط خلال هذه الفترة في خلايا حزب الاستقلال، وأضحى كاتبا عاما للشبيبة الاستقلالية 1955 - 1957، حاز الباكالوريا الأولى سنة 1956 والثانية سنة 1957 بالرباط. ولابد من الإشارة هنا إلى أن محمد جسوس كان يعشق فن الغناء، فأحب الموسيقى الأندلسية والملحون والغرناطي والكلاسيكيات ومارس الغناء ضمن جوق مع ثلة من التلاميذ الذين أضحوا فنانين كبارا فيما بعد أمثال عبد الرحيم السقاط ومحمد فويتح ومحمد المزكلدي، مما عرضه آنذاك إلى الفلقة لعدم رضى والده عن ممارسة الغناء، كما عشق أيضا كرة القدم.
ولما نال الباكالوريا عزم على متابعة الدراسة بالديار الكندية، وحين تلقيه نبأ قبوله بكلية لافال، كان متواجدا بطنجة مترئسا لقاء للشبيبة الاستقلالية، فغادر توا الملتقى ليتجه إلى العاصمة الرباط للحصول على جواز السفر والمنحة الدراسية، فاستطاع أن يحصل على مبتغاه من خلال مقابلته لأربع شخصيات وطنية بغية مساعدته لبلوغ مرماه من بينهم الشهيد المهدي بنبركة و المرحوم أحمد بلافريج.
غادر المغرب وتابع دراسته بكلية لافال بكندا 1957 - 1960 وحصل على شهادة الميتريز في موضوع «حضارة القبيلة في المغرب: نموذج سوس» سنة 1960، ثم انتقل إلى جامعة برينستون بأمريكا ودرس بها ما بين 1960 - 1968 . وشغل منصب رئيس الطلبة الأفارقة بالجامعة، وكان ناشطا فعالا في مساندة القضايا العادلة كالثورة الجزائرية والقضية الفلسطينة والحرب على الفيتنام.
كما مارس شغبه وشغفه الصحفي، إذ اشتغل كمقدم برنامج أسبوعي مدته ساعة حول قضايا العالم الثالث من خلال إذاعة محلية ببرينستون، كما سبق له إصدار جريدة «الوثبة» L?ELAN أثناء تمدرسه بثانوية مولاي إدريس .
عاد إلى المغرب حاصلا على الدكتوراه في علم الاجتماع سنة 1968 في موضوع : «نظرية التوازن ومسألة التغيير الاجتماعي».
التحق مباشرة بالعمل السياسي من خلال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والعمل النقابي، حين تحمله المسؤولية بالنقابة الوطنية للتعليم العالي سواء بالمكتب الوطني أو اللجنة الإدارية، كما مارس سياسة القرب ليس كسوسيولوجي فقط، بل كمنخرط في استراتيجية النضال الديمقراطي حين انتخب مستشارا جماعيا بالرباط من سنة 1976 إلى 1992، وسهر على مشروع التنمية الحضرية بدوار الدوم وشغل منصب نائب رئيس البلدية كما انخرط في العمل السياسي بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من موقع الكتابة الإقليمية بالرباط أو اللجنة الإدارية أو اللجنة المركزية أو المجلس الوطني أو المكتب السياسي.
هذا هو محمد جسوس الأستاذ الجامعي مدى الحياة بجامعة محمد الخامس منذ سنة 2004 ورئيس المؤسسة الاشتراكية للأبحاث والدراسات منذ 2006 (لي كامل الشرف أني اشتغلت بجانبه حين تسييره هذه المؤسسة) ورئيس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع، فعلا الأستاذ محمد جسوس إنتاجاته وفيرة وأفكاره غزيرة، لكن علاقته بالقلم شحيحة ونادرة، إذ لا يميل إلى المكتوب، بل مناصرا للشفاهي بامتياز (يتداول بين الطلبة أن البعض منهم يدونون فقرات وأجزاء بكاملها لإنجاز أطروحاتهم من خلال مداخلات ومحاضرات محمد جسوس) ولقد أشرف على العديد من الأطروحات الجامعية لنيل الدكتوراه. كما أن له إصدارات كالمسألة الاجتماعية والثقافة والتربية والتعليم : منشورات جريدة الأحداث المغربية ورهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب :منشورات وزارة الثقافة ( د إدريس بنسعيد) وله العديد من المقالات بالجرائد الوطنية : الاتحاد الاشتراكي، ليبيراسيون، الأحداث المغربية، والمجلات كالوحدة ومجلة عالم التربية وغيرها كثير.
وعودا على بدء، مرد هذا المقال هو ما كان يردده دوما الدكتور محمد جسوس في عز القهر والبصري أن هذا الزمن ، زمن خلق وإنتاج جيل من الضباع، وظل يردد ذلك دون كلل أو ملل كفانا / BASTA من سياسة التضبيع، وإذ نهمس في أذن الأستاذ مصطفى المسناوي صاحب زاوية (ركن ) يا أمة ضحكت : زمن «التضبيع» العالي الصادر يوم الجمعة 23 فبراير 2013 العدد 1995 بجريدة المساء، أن السي محمد جسوس حي يرزق (وليس كما جاء في سياق ما رقنته :عالم الاجتماع المغربي الراحل محمد جسوس) شفاه الله وأطال عمر هذا العالم المربي والمناضل الخلوق وأبو السوسيولوجيا بالمغرب. ووجب الاعتذار
محمد الشاوي نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 02 - 2013 

إلى مصطفى المسناوي (الله يرحمك) الدكتور محمد جسوس حي يرزق محمد الشاوي

إلى مصطفى المسناوي (الله يرحمك) الدكتور محمد جسوس حي يرزق
محمد الشاوي 
باقتراح من الكاتب
بكل صدق، لربما كنت أتحين الفرصة لأرد بعض من جميل أستاذنا الدكتور محمد جسوس المفكر، الباحث، المثقف، الموجه، السوسيولوجي، المناضل النقابي والسياسي، إذ لا يمكن التحقيب سواء للعمل السياسي، وبالضبط الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أو السوسيولوجيا بالمغرب، دون ذكر اسم الدكتور محمد جسوس لما يتسم به من روح العمل والخلق والإبداع والأخلاق العالية والصراحة الفوق عادية، فهو علم ومنارة شامخة، لم يبخل قط عن المناضلات والمناضلين بالأفكار النيرة ودعاباته الهادفة أثناء استحضار بعض الأمثلة الشعبية والمصطلحات الجديدة أثناء اللقاءات الفكرية والسياسية بالأقاليم، أو حين انعقاد دورات اللجنة المركزية للشبيبة الاتحادية أو الدورات التكوينية أو الأوراش أو وسط طلبته، إذ يعتبر الدكتور محمد جسوس قريبا جدا من الشباب، ينصت إليهم بإمعان، ويطلق لأفكاره كل العنان.
محمد جسوس رأى النور بالمدينة العتيقة بفاس سنة 1938 ويعتبر الابن البكر وسط أسرة تضم سبعة أفراد، حفظ القران الكريم في السابعة من عمره، وحاصل على شهادتين ابتدائيتين سنة 1942 والثانية سنة 1952 بمدرسة أبناء الأعيان، وكان محمد جسوس تلميذا نجيبا متفوقا يحصد جميع الجوائز طيلة دراسته، يكفي أن نذكر هنا أن مجلس الأساتذة قرر السماح لهذا التلميذ تجاوز قسمين بدون امتحان أثناء التحاقه بثانوية مولاي ادريس (5 سنوات عوض 7 سنوات ).
انخرط خلال هذه الفترة في خلايا حزب الاستقلال، وأضحى كاتبا عاما للشبيبة الاستقلالية 1955 - 1957، حاز الباكالوريا الأولى سنة 1956 والثانية سنة 1957 بالرباط. ولابد من الإشارة هنا إلى أن محمد جسوس كان يعشق فن الغناء، فأحب الموسيقى الأندلسية والملحون والغرناطي والكلاسيكيات ومارس الغناء ضمن جوق مع ثلة من التلاميذ الذين أضحوا فنانين كبارا فيما بعد أمثال عبد الرحيم السقاط ومحمد فويتح ومحمد المزكلدي، مما عرضه آنذاك إلى الفلقة لعدم رضى والده عن ممارسة الغناء، كما عشق أيضا كرة القدم.
ولما نال الباكالوريا عزم على متابعة الدراسة بالديار الكندية، وحين تلقيه نبأ قبوله بكلية لافال، كان متواجدا بطنجة مترئسا لقاء للشبيبة الاستقلالية، فغادر توا الملتقى ليتجه إلى العاصمة الرباط للحصول على جواز السفر والمنحة الدراسية، فاستطاع أن يحصل على مبتغاه من خلال مقابلته لأربع شخصيات وطنية بغية مساعدته لبلوغ مرماه من بينهم الشهيد المهدي بنبركة و المرحوم أحمد بلافريج.
غادر المغرب وتابع دراسته بكلية لافال بكندا 1957 - 1960 وحصل على شهادة الميتريز في موضوع «حضارة القبيلة في المغرب: نموذج سوس» سنة 1960، ثم انتقل إلى جامعة برينستون بأمريكا ودرس بها ما بين 1960 - 1968 . وشغل منصب رئيس الطلبة الأفارقة بالجامعة، وكان ناشطا فعالا في مساندة القضايا العادلة كالثورة الجزائرية والقضية الفلسطينة والحرب على الفيتنام.
كما مارس شغبه وشغفه الصحفي، إذ اشتغل كمقدم برنامج أسبوعي مدته ساعة حول قضايا العالم الثالث من خلال إذاعة محلية ببرينستون، كما سبق له إصدار جريدة «الوثبة» L?ELAN أثناء تمدرسه بثانوية مولاي إدريس .
عاد إلى المغرب حاصلا على الدكتوراه في علم الاجتماع سنة 1968 في موضوع : «نظرية التوازن ومسألة التغيير الاجتماعي».
التحق مباشرة بالعمل السياسي من خلال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والعمل النقابي، حين تحمله المسؤولية بالنقابة الوطنية للتعليم العالي سواء بالمكتب الوطني أو اللجنة الإدارية، كما مارس سياسة القرب ليس كسوسيولوجي فقط، بل كمنخرط في استراتيجية النضال الديمقراطي حين انتخب مستشارا جماعيا بالرباط من سنة 1976 إلى 1992، وسهر على مشروع التنمية الحضرية بدوار الدوم وشغل منصب نائب رئيس البلدية كما انخرط في العمل السياسي بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من موقع الكتابة الإقليمية بالرباط أو اللجنة الإدارية أو اللجنة المركزية أو المجلس الوطني أو المكتب السياسي.
هذا هو محمد جسوس الأستاذ الجامعي مدى الحياة بجامعة محمد الخامس منذ سنة 2004 ورئيس المؤسسة الاشتراكية للأبحاث والدراسات منذ 2006 (لي كامل الشرف أني اشتغلت بجانبه حين تسييره هذه المؤسسة) ورئيس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع، فعلا الأستاذ محمد جسوس إنتاجاته وفيرة وأفكاره غزيرة، لكن علاقته بالقلم شحيحة ونادرة، إذ لا يميل إلى المكتوب، بل مناصرا للشفاهي بامتياز (يتداول بين الطلبة أن البعض منهم يدونون فقرات وأجزاء بكاملها لإنجاز أطروحاتهم من خلال مداخلات ومحاضرات محمد جسوس) ولقد أشرف على العديد من الأطروحات الجامعية لنيل الدكتوراه. كما أن له إصدارات كالمسألة الاجتماعية والثقافة والتربية والتعليم : منشورات جريدة الأحداث المغربية ورهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب :منشورات وزارة الثقافة ( د إدريس بنسعيد) وله العديد من المقالات بالجرائد الوطنية : الاتحاد الاشتراكي، ليبيراسيون، الأحداث المغربية، والمجلات كالوحدة ومجلة عالم التربية وغيرها كثير.
وعودا على بدء، مرد هذا المقال هو ما كان يردده دوما الدكتور محمد جسوس في عز القهر والبصري أن هذا الزمن ، زمن خلق وإنتاج جيل من الضباع، وظل يردد ذلك دون كلل أو ملل كفانا / BASTA من سياسة التضبيع، وإذ نهمس في أذن الأستاذ مصطفى المسناوي صاحب زاوية (ركن ) يا أمة ضحكت : زمن «التضبيع» العالي الصادر يوم الجمعة 23 فبراير 2013 العدد 1995 بجريدة المساء، أن السي محمد جسوس حي يرزق (وليس كما جاء في سياق ما رقنته :عالم الاجتماع المغربي الراحل محمد جسوس) شفاه الله وأطال عمر هذا العالم المربي والمناضل الخلوق وأبو السوسيولوجيا بالمغرب. ووجب الاعتذار
محمد الشاوي نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 02 - 2013 

نشر في : 5:33 ص |  من طرف ABDOUHAKKI

الجمعة، 28 فبراير 2014

محمد جسوس العالم الذي أدمج السوسيولوجيا في النضال الاجتماعي والسياسي
الطاهر الطويل
خاص بالمجلة
برحيل العالم الجليل الدكتور محمد جسوس، تكون السوسيولوجيا المغربية قد رزئت في أحد روادها البارزين والمؤسسين، الذين عملوا على وضع لبناتها الأولى بالجامعة المغربية منذ حوالي أربعين سنة، حيث ساهم في انفتاح الطلبة والباحثين على «مقاربات نظرية وممارسات ميدانية جديدة، سمحت بتأسيس خطاب سوسيولوجي متميز بعقلانيته ونزعته النقدية من جهة، وبحرصه على التقيد بالاشتغال في حدود العلم ووفق ضوابط ومقتضيات كانت بدورها في طور التأسيس»، مثلما سجلت ورقة أكاديمية قدمت خلال حفل تكريم محمد جسوس قبل نحو سنتين.
كان جسوس يؤمن دائما بضرورة انخراط السوسيولوجيا في النضال السياسي والاجتماعي وفق رؤية نقدية معرفية، حتى لا يبقى الباحث السوسيولوجي منعزلا عن سياقه ومحيطه. هذا الاقتناع مارسه عمليا جسوس الذي ولد في فاس عام 1938، ودرس علم الاجتماع أولا بجامعة «لافال» بكندا، ومنها حصل سنة 1960على شهادة «الميتريز» في موضوع «حضارة القبيلة في المغرب: نموذج سوس»، ثم نال شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، سنة 1968، من جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية في موضوع «نظرية التوازن ومسألة التغير الاجتماعي». ليقفل عائدا إلى المغرب ممارسا للتدريس الجامعي بكلية الآداب بالرباط، وممارسا في الآن ذاته لنضال سياسي مختلف في أحضان اليسار. من بين أعماله كتاب: «رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب» الصادر عن وزارة الثقافة، وكتابا «طروحات حول المسألة الاجتماعية» و«طروحات حول الثقافة والتربية والتعليم» الصادران ضمن منشورات جريدة «الأحداث المغربية».


من أهم ما ميز الراحل محمد جسوس ـ كما يقول الباحث السوسيولوجي الدكتور مصطفى محسن ـ سعة فكره وتعدد وتداخل اهتماماته العلمية والسياسية والاجتماعية المتباينة. ويوضح الدكتور محسن ـ في إحدى دراساته ـ أن جسوس انشغل، منذ بداية مساره العلمي، بضرورة المساهمة في التأسيس لسوسيولوجيا نقدية، تقطع، من جهة، مع أنماط من «المعارف» الكولونيالية ظلت، لمدة عقود وفي مجالات بحثية واجتماعية معينة، محتكرة للهيمنة والتصدر، ولكن دون إلغاء أهميتها كلية. ومن جهة ثانية، كان يريد لهذه السوسيولوجيا النقدية أن تظل منخرطة في سيرورة مشروع كوني للعلوم الاجتماعية والإنسانية عامة، مشروع واع بمجمل الشروط والمحددات السوسيوتاريخية والمعرفية المؤطرة والموجهة لـ»علميته» في سياق تبلوره نشأة وتطورا وامتدادات متعددة... وواع أيضا بخصوصية السياقات المغايرة التي تنقل إليها مفاهيم ونظريات ومناهج هذه العلوم.
هكذا إذن وكما نخبة متميزة من مُجايليه المفكرين، ومنا نحن تلامذة هذا الجيل من الرواد
ويتوقف الدكتور مصطفى محسن عند أهم القضايا والإشكاليات التي اهتم بها محمد جسوس على النحو التالي:
ـ نقد المعرفة الغربية ـ وخاصة في علم الاجتماع ـ نقدا إيجابيا ومنتجا يقوم على التحليل والتفكيك وفهم الأبعاد والدلالات والمرجعيات وآليات الاشتغال... وليس نقدا يقوم على منطق ومقصديات النقض والدحض والاجتثاث... كما فعل البعض إزاء المعرفة الاستعمارية بل و الاستشراقية عامة، بل وإزاء بعض مكونات التراث العربي الإسلامي كذلك.
ـ نقد التعامل «التبعي الاتباعي» المطمئن مع هذه المعرفة، ولاسيما في بعض نماذج مفاهيمها وطروحاتها وتوجهاتها المتباينة... وأهمية التمييز في كل ذلك بين المعرفي والتاريخي، والعلمي والإيديولوجي- الثقافي.
ـ نقد الفهم «الخصوصاني» أيضا لهذه المعرفة، والدعوة إلى إنتاج «سوسيولوجيا محلية أو إقليمية...»، مثل الدعوة إلى «علم اجتماع عربي، أو مغربي أو أفريقي...الخ» وضرورة استبدال هذه الرؤية الاختزالية بما اقترح توصيفه بـ»منظور نقدي منفتح» يكامل بين المشروع الكوني للعلم، وبين خصوصية القضايا والإشكالات والظواهر التي يتخذ منها «موضوعا» للمقاربة والبحث في سياقات سوسيوتاريخية وثقافية وسياسية وحضارية متباينة متنفذة ومعينة في الزمان والفضاء.


مدرسة القلق الفكري

ويضع الباحث السوسيولوجي الدكتور عبد الرحيم العطري أستاذه الراحل محمد جسوس ضمن خانة «مدرسة القلق الفكري»، مشيرا إلى أن الراحل لم يكن مجرد عابر سبيل في خرائط الدرس السوسيولوجي، بل كان علما مؤسسا ومنارة بارزة في تاريخ سوسيولوجيا ما بعد الاستقلال بالمغرب.
ويضيف قائلا: «أحبّته يعتبرونه مؤسسا ورائدا، فيما معارضوه يعتبرونه معرقلا لكثير من المشاريع التي لم تساير رؤاه واختياراته الإيديولوجية، لكنهم جميعا يقرون أنه الأستاذ العالم والمناضل السوسيولوجي الذي علمهم «حب الانتماء» إلى سوسيولوجيا النقد والتفكيك.
علاقة محمد جسوس بالقلم لم تكن طيبة، كما يسجل العطري مضيفاً أيضا: «كان مقلا في كتاباته، كان يميل إلى الشفاهي لا المكتوب، لكن هذا الميل لم يكن بالمرة ليقلل من قوة وأصالة منجزه، فالفكرة في جذوة التحليل وحرارة النقاش، تكون أكثر عمقا وتأثيرا. ولولا إلحاح بعض أحبته لما قرأنا طروحاته حول المسألة الاجتماعية في مستوى أول، وحول الثقافة والتربية والتعليم في مستوى ثان، والصادرتين معا ضمن منشورات جريدة الأحداث المغربية، ولا تعرفنا على رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب الصادرة عن وزارة الثقافة، والتي قدم لها و أعدها للنشر الدكتور إدريس بنسعيد.
في ذات «الطروحات» يعترف جسوس أنه «لا يتمنى إنتاج سوسيولوجيا جسوسية أو مدرسة جسوسية» مؤكدا بأنه «في الغالب الأعم إذا كتبت نصا، لا أكتبه إلا بعد النقاش، أتعلم الكثير جدا من النقاش والحوار مع الشباب، وإن كنت أشتكي بالفعل من أن مستوى الحوار قد تدهور كثيرا خاصة منذ منتصف الثمانينات إلى الآن».
في هذه الطروحات التي كشف في مفتتحها أسباب إضرابه عن الكتابة والنشر، سيعترف في ختام فاتحة القول بأنه نادم على انتصاره الطويل للثقافة الشفاهية، وأن الحاجة إلى المكتوب باتت أكثر إلحاحا، ما دام الطلب على السوسيولوجيا قد ارتفع، وما دامت أسئلة المجتمع في تواتر وإرباك مستمر.
تعددت موضوعات الاشتغال، وتواترت مدارات البحث والتفكير، لكنها في الغالب كانت منهجسة بحال ومآل المجتمع المغربي، عبر مساءلة تجلياته الريفية وأعطابه واحتمالاته القصوى في صياغة المشروع المجتمعي، فقد كان جسوس مفكرا على الدوام في حقلي السياسة والعلم، في العطب التنموي الذي يؤجل الانتقال ويجذر بالمقابل حالة التبعية والانهيار.
ليست الممارسة السوسيولوجية مجرد ترف فكري عند محمد جسوس، إنها مهمة نضالية لا تقتنع بالمقاربات الكسولة والمطمئنة، ولا تقف عند حدود الجاهز واليقيني، وبالطبع فمهمة السوسيولوجيا تقتضي جرعات عليا من الالتزام والجرأة، بحسب عبد الرحيم العطري.
الملاحظة واليقظة الإبستمولوجية
ويرى الباحث السوسيولوجي الأستاذ ناصر السوسي أن المقدمة الأساسية للممارسة السوسيولوجية لدى محمد جسوس هي الملاحظة. فالملاحظة كتقنية هي مرحلة أو إنها اللبنة المركزية في أي عمل ينشد العلمية ويتوخى الموضوعية قدر الإمكان؛ على اعتبار أنها تمدنا بسلسلة من الفرضيات تكون قابلة للاختبار باستمرار، وتثير فينا اليقظة الإبستمولوجية التي تشحذ روح الحذر والحيطة من الإطلاقيات المثالية والتوجهات الدوغمائية التي تشكل عوائق فعلية أمام القبول بلا نهائية الأحكام والإقرار بنسبية الأحكام والمقاربات والاستنتاجات.
من ثمة، فتضافر الملاحظة والفرضيات يمكننا بشكل كبير من المساهمة الفعالة في إعادة تشييد الواقع السوسيولوجي باستمرار ليغدو توليفا بين الذات والموضوع؛ وعند ذاك يحق لنا ـ حسب محمد جسوس ـ التساؤل عن مدى إجرائية كل الأشكال النظرية من بديهيات، ومسلمات، وإحساسات، وقوانين، وتوجيهات عامة. وكل أشكال»الخردة» المعرفية المعروضة في السوق الفكري، على حد تعبيره.
فهم الآخر/ النقيض
وخلال أحد اللقاءات الاحتفائية بالدكتور محمد جسوس، اختار الباحث الدكتور إدريس بنسعيد أن يعود بذاكرته إلى الوراء، إلى ما يزيد عن أربعة عقود بقليل، ليتذكر الخلاصات التي خرج بها كطالب من دروس المحتفى به، قائلا: «يتأسس الدرس السوسيولوجي عند جسوس على مبدأ الفهم، خاصة فهم الاختلاف وفهم الآخر (النقيض) وفهمه الجيد. تعرفت مع جسوس لأول مرة على تحليلات ماكس فيبر التي كانت تبدو لنا للوهلة الأولى بسيطة بل متجاوزة على الرغم من أنه لم يسبق لنا الإطلاع عليها لنكتشف لا حقا أهميتها في إعادة صياغة الأسئلة الأساسية بالنسبة للمجتمع المغربي. مع جسوس اطلعنا على الوظيفية وعلى نظريات أخرى نحن الذين كنا، على خطأ نؤسس ونتخذ منها موقف رفض دون أن نعرفها جيدا.»

tahartouil@gmail.com

محمد جسوس العالم الذي أدمج السوسيولوجيا في النضال الاجتماعي والسياسي الطاهر الطويل

محمد جسوس العالم الذي أدمج السوسيولوجيا في النضال الاجتماعي والسياسي
الطاهر الطويل
خاص بالمجلة
برحيل العالم الجليل الدكتور محمد جسوس، تكون السوسيولوجيا المغربية قد رزئت في أحد روادها البارزين والمؤسسين، الذين عملوا على وضع لبناتها الأولى بالجامعة المغربية منذ حوالي أربعين سنة، حيث ساهم في انفتاح الطلبة والباحثين على «مقاربات نظرية وممارسات ميدانية جديدة، سمحت بتأسيس خطاب سوسيولوجي متميز بعقلانيته ونزعته النقدية من جهة، وبحرصه على التقيد بالاشتغال في حدود العلم ووفق ضوابط ومقتضيات كانت بدورها في طور التأسيس»، مثلما سجلت ورقة أكاديمية قدمت خلال حفل تكريم محمد جسوس قبل نحو سنتين.
كان جسوس يؤمن دائما بضرورة انخراط السوسيولوجيا في النضال السياسي والاجتماعي وفق رؤية نقدية معرفية، حتى لا يبقى الباحث السوسيولوجي منعزلا عن سياقه ومحيطه. هذا الاقتناع مارسه عمليا جسوس الذي ولد في فاس عام 1938، ودرس علم الاجتماع أولا بجامعة «لافال» بكندا، ومنها حصل سنة 1960على شهادة «الميتريز» في موضوع «حضارة القبيلة في المغرب: نموذج سوس»، ثم نال شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، سنة 1968، من جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية في موضوع «نظرية التوازن ومسألة التغير الاجتماعي». ليقفل عائدا إلى المغرب ممارسا للتدريس الجامعي بكلية الآداب بالرباط، وممارسا في الآن ذاته لنضال سياسي مختلف في أحضان اليسار. من بين أعماله كتاب: «رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب» الصادر عن وزارة الثقافة، وكتابا «طروحات حول المسألة الاجتماعية» و«طروحات حول الثقافة والتربية والتعليم» الصادران ضمن منشورات جريدة «الأحداث المغربية».


من أهم ما ميز الراحل محمد جسوس ـ كما يقول الباحث السوسيولوجي الدكتور مصطفى محسن ـ سعة فكره وتعدد وتداخل اهتماماته العلمية والسياسية والاجتماعية المتباينة. ويوضح الدكتور محسن ـ في إحدى دراساته ـ أن جسوس انشغل، منذ بداية مساره العلمي، بضرورة المساهمة في التأسيس لسوسيولوجيا نقدية، تقطع، من جهة، مع أنماط من «المعارف» الكولونيالية ظلت، لمدة عقود وفي مجالات بحثية واجتماعية معينة، محتكرة للهيمنة والتصدر، ولكن دون إلغاء أهميتها كلية. ومن جهة ثانية، كان يريد لهذه السوسيولوجيا النقدية أن تظل منخرطة في سيرورة مشروع كوني للعلوم الاجتماعية والإنسانية عامة، مشروع واع بمجمل الشروط والمحددات السوسيوتاريخية والمعرفية المؤطرة والموجهة لـ»علميته» في سياق تبلوره نشأة وتطورا وامتدادات متعددة... وواع أيضا بخصوصية السياقات المغايرة التي تنقل إليها مفاهيم ونظريات ومناهج هذه العلوم.
هكذا إذن وكما نخبة متميزة من مُجايليه المفكرين، ومنا نحن تلامذة هذا الجيل من الرواد
ويتوقف الدكتور مصطفى محسن عند أهم القضايا والإشكاليات التي اهتم بها محمد جسوس على النحو التالي:
ـ نقد المعرفة الغربية ـ وخاصة في علم الاجتماع ـ نقدا إيجابيا ومنتجا يقوم على التحليل والتفكيك وفهم الأبعاد والدلالات والمرجعيات وآليات الاشتغال... وليس نقدا يقوم على منطق ومقصديات النقض والدحض والاجتثاث... كما فعل البعض إزاء المعرفة الاستعمارية بل و الاستشراقية عامة، بل وإزاء بعض مكونات التراث العربي الإسلامي كذلك.
ـ نقد التعامل «التبعي الاتباعي» المطمئن مع هذه المعرفة، ولاسيما في بعض نماذج مفاهيمها وطروحاتها وتوجهاتها المتباينة... وأهمية التمييز في كل ذلك بين المعرفي والتاريخي، والعلمي والإيديولوجي- الثقافي.
ـ نقد الفهم «الخصوصاني» أيضا لهذه المعرفة، والدعوة إلى إنتاج «سوسيولوجيا محلية أو إقليمية...»، مثل الدعوة إلى «علم اجتماع عربي، أو مغربي أو أفريقي...الخ» وضرورة استبدال هذه الرؤية الاختزالية بما اقترح توصيفه بـ»منظور نقدي منفتح» يكامل بين المشروع الكوني للعلم، وبين خصوصية القضايا والإشكالات والظواهر التي يتخذ منها «موضوعا» للمقاربة والبحث في سياقات سوسيوتاريخية وثقافية وسياسية وحضارية متباينة متنفذة ومعينة في الزمان والفضاء.


مدرسة القلق الفكري

ويضع الباحث السوسيولوجي الدكتور عبد الرحيم العطري أستاذه الراحل محمد جسوس ضمن خانة «مدرسة القلق الفكري»، مشيرا إلى أن الراحل لم يكن مجرد عابر سبيل في خرائط الدرس السوسيولوجي، بل كان علما مؤسسا ومنارة بارزة في تاريخ سوسيولوجيا ما بعد الاستقلال بالمغرب.
ويضيف قائلا: «أحبّته يعتبرونه مؤسسا ورائدا، فيما معارضوه يعتبرونه معرقلا لكثير من المشاريع التي لم تساير رؤاه واختياراته الإيديولوجية، لكنهم جميعا يقرون أنه الأستاذ العالم والمناضل السوسيولوجي الذي علمهم «حب الانتماء» إلى سوسيولوجيا النقد والتفكيك.
علاقة محمد جسوس بالقلم لم تكن طيبة، كما يسجل العطري مضيفاً أيضا: «كان مقلا في كتاباته، كان يميل إلى الشفاهي لا المكتوب، لكن هذا الميل لم يكن بالمرة ليقلل من قوة وأصالة منجزه، فالفكرة في جذوة التحليل وحرارة النقاش، تكون أكثر عمقا وتأثيرا. ولولا إلحاح بعض أحبته لما قرأنا طروحاته حول المسألة الاجتماعية في مستوى أول، وحول الثقافة والتربية والتعليم في مستوى ثان، والصادرتين معا ضمن منشورات جريدة الأحداث المغربية، ولا تعرفنا على رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب الصادرة عن وزارة الثقافة، والتي قدم لها و أعدها للنشر الدكتور إدريس بنسعيد.
في ذات «الطروحات» يعترف جسوس أنه «لا يتمنى إنتاج سوسيولوجيا جسوسية أو مدرسة جسوسية» مؤكدا بأنه «في الغالب الأعم إذا كتبت نصا، لا أكتبه إلا بعد النقاش، أتعلم الكثير جدا من النقاش والحوار مع الشباب، وإن كنت أشتكي بالفعل من أن مستوى الحوار قد تدهور كثيرا خاصة منذ منتصف الثمانينات إلى الآن».
في هذه الطروحات التي كشف في مفتتحها أسباب إضرابه عن الكتابة والنشر، سيعترف في ختام فاتحة القول بأنه نادم على انتصاره الطويل للثقافة الشفاهية، وأن الحاجة إلى المكتوب باتت أكثر إلحاحا، ما دام الطلب على السوسيولوجيا قد ارتفع، وما دامت أسئلة المجتمع في تواتر وإرباك مستمر.
تعددت موضوعات الاشتغال، وتواترت مدارات البحث والتفكير، لكنها في الغالب كانت منهجسة بحال ومآل المجتمع المغربي، عبر مساءلة تجلياته الريفية وأعطابه واحتمالاته القصوى في صياغة المشروع المجتمعي، فقد كان جسوس مفكرا على الدوام في حقلي السياسة والعلم، في العطب التنموي الذي يؤجل الانتقال ويجذر بالمقابل حالة التبعية والانهيار.
ليست الممارسة السوسيولوجية مجرد ترف فكري عند محمد جسوس، إنها مهمة نضالية لا تقتنع بالمقاربات الكسولة والمطمئنة، ولا تقف عند حدود الجاهز واليقيني، وبالطبع فمهمة السوسيولوجيا تقتضي جرعات عليا من الالتزام والجرأة، بحسب عبد الرحيم العطري.
الملاحظة واليقظة الإبستمولوجية
ويرى الباحث السوسيولوجي الأستاذ ناصر السوسي أن المقدمة الأساسية للممارسة السوسيولوجية لدى محمد جسوس هي الملاحظة. فالملاحظة كتقنية هي مرحلة أو إنها اللبنة المركزية في أي عمل ينشد العلمية ويتوخى الموضوعية قدر الإمكان؛ على اعتبار أنها تمدنا بسلسلة من الفرضيات تكون قابلة للاختبار باستمرار، وتثير فينا اليقظة الإبستمولوجية التي تشحذ روح الحذر والحيطة من الإطلاقيات المثالية والتوجهات الدوغمائية التي تشكل عوائق فعلية أمام القبول بلا نهائية الأحكام والإقرار بنسبية الأحكام والمقاربات والاستنتاجات.
من ثمة، فتضافر الملاحظة والفرضيات يمكننا بشكل كبير من المساهمة الفعالة في إعادة تشييد الواقع السوسيولوجي باستمرار ليغدو توليفا بين الذات والموضوع؛ وعند ذاك يحق لنا ـ حسب محمد جسوس ـ التساؤل عن مدى إجرائية كل الأشكال النظرية من بديهيات، ومسلمات، وإحساسات، وقوانين، وتوجيهات عامة. وكل أشكال»الخردة» المعرفية المعروضة في السوق الفكري، على حد تعبيره.
فهم الآخر/ النقيض
وخلال أحد اللقاءات الاحتفائية بالدكتور محمد جسوس، اختار الباحث الدكتور إدريس بنسعيد أن يعود بذاكرته إلى الوراء، إلى ما يزيد عن أربعة عقود بقليل، ليتذكر الخلاصات التي خرج بها كطالب من دروس المحتفى به، قائلا: «يتأسس الدرس السوسيولوجي عند جسوس على مبدأ الفهم، خاصة فهم الاختلاف وفهم الآخر (النقيض) وفهمه الجيد. تعرفت مع جسوس لأول مرة على تحليلات ماكس فيبر التي كانت تبدو لنا للوهلة الأولى بسيطة بل متجاوزة على الرغم من أنه لم يسبق لنا الإطلاع عليها لنكتشف لا حقا أهميتها في إعادة صياغة الأسئلة الأساسية بالنسبة للمجتمع المغربي. مع جسوس اطلعنا على الوظيفية وعلى نظريات أخرى نحن الذين كنا، على خطأ نؤسس ونتخذ منها موقف رفض دون أن نعرفها جيدا.»

tahartouil@gmail.com

نشر في : 3:57 ص |  من طرف ABDOUHAKKI

الأربعاء، 19 فبراير 2014

       
في شخصه ارتبطت السياسة والمعرفة والأخلاق :عبد الجليل طليمات
خاص بالموقع
في شخصه النبيل اجتمعت نقدية المثقف, ونزاهة السياسي, وخبرة الممارس الميداني, وأخلاق المناضل الحزبي كما ينبغي أن يكون: متواضعا, زاهدا في المواقع ومبدئيا في المواقف.. ولذلك ففي فقدانه خسارة كبرى لا يعوضها غير ا لإستلهام  لسيرته الذاتية كمثقف وباحث ميداني وأستاذ ومكون ومربي وكمسؤول سياسي حزبي قيادي , و التمثل العملي والأخلاقي لها .
لقد ربط فقيدنا  بشكل نموذجي بين السياسة وبين المعرفة من جهة , وبينها وبين الأخلاق من جهة ثانية , وذلك بالضبط ما شكل مضمون " هويته الشخصية " , في زمن تسارعت فيه وتيرة التدني ل " السياسي " بفعل اتساع الفجوة بينه وبين المعرفي والأخلاقي لعوامل موضوعية وذاتية ليس المجال متاحا هنا لتحديدها وتناولها بالتحليل ..
ولعل من بين مكونات هوية فقيدنا الثابتة في فكره وسلوكه الإيمان بالحوار في تدبير جميع القضايا  الخلافية الكبرى  , قال فقيدنا في سنة 1997 في إحدى المناظرات : " أعتقد أنه يجب التعامل مع القضايا مثل المرأة , مثل الحداثة , مثل مسألة العلمانية والثورة العلمية والتكنولوجية لا من منظور سياسوي , بل من منظور يقدر المسألة حق قدرها... وأعتقد أن هناك الكثير والكثير الذي يمكن لهذا المجتمع أن ينجزه بطرق وفاقية وحوارية " .  ما أحوجنا اليوم في ظل الضجيج السياسوي السائد, والنقاشات " المتوحشة " في غالب الاحيان لتلك القضايا التي أشار إليها فقيدنا إلى العمل بهذه الروح " الوفاقية والحوارية" لما فيه مصلحة وطننا وتقدمه الديمقراطي والتنموي  
وهو المهووس بالمعرفة كحفر في الميدان لا كتأمل في انعزال , ظل يوصي رحمه الله بتطوير البحث السوسيولوجي , و الإ هتمام بسؤال مستقبل درس السوسيولوجيا , قال في 2009 أمام جمهور من المهتمين في حفل تكريمه من طرف جمعية أصدقاء السوسيولوجيا : " لدي توصيتان : أن يقع مجهود لإنجاز بحث واسع حول مهنة السوسيولوجيا , ماذا حدث للطلبة اللذين مروا من الشعبة الأصل والشعب التي جاءت بعدها , ماذا حدث لأساتذتها  ؟ .... " والتوصية الثانية عقد ندوات فكرية  مختلفة وفتح نقاش حول تدريس السوسيولوجيا , كيف يمكن أن نطورها ..؟ "

غادرنا الفقيد ومازالت السوسيولوجيا محتاجة لخبرته كباحث ومدرس ,  غادرنا السي محمد والسياسة في أشد الحاجة إلى نزاهته وتواضعه ونكران ذاته  وقبل ذلك وبعده ,إلى روحه الديمقراطية المتأصلة فيه قولا وفعلا و تدبيرا للعلاقات..  غادرنا  ا ولكنه لن يموت فينا  : ستظل روحه و سمات شخصه  و   إنجازاته التي بصمت عقول ونفوس أجيال من طلبته منذ نهاية الستينيات والتي أعطت لحزبه , الذي ظل وفيا له حتى في أقسى المحطات معنى  أن يكون ديمقراطيا اشتراكيا وحداثيا  .. وذلك هو عزاؤنا فيك أيها الفقيد المنارة  ..       

في شخصه ارتبطت السياسة والمعرفة والأخلاق :عبد الجليل طليمات

       
في شخصه ارتبطت السياسة والمعرفة والأخلاق :عبد الجليل طليمات
خاص بالموقع
في شخصه النبيل اجتمعت نقدية المثقف, ونزاهة السياسي, وخبرة الممارس الميداني, وأخلاق المناضل الحزبي كما ينبغي أن يكون: متواضعا, زاهدا في المواقع ومبدئيا في المواقف.. ولذلك ففي فقدانه خسارة كبرى لا يعوضها غير ا لإستلهام  لسيرته الذاتية كمثقف وباحث ميداني وأستاذ ومكون ومربي وكمسؤول سياسي حزبي قيادي , و التمثل العملي والأخلاقي لها .
لقد ربط فقيدنا  بشكل نموذجي بين السياسة وبين المعرفة من جهة , وبينها وبين الأخلاق من جهة ثانية , وذلك بالضبط ما شكل مضمون " هويته الشخصية " , في زمن تسارعت فيه وتيرة التدني ل " السياسي " بفعل اتساع الفجوة بينه وبين المعرفي والأخلاقي لعوامل موضوعية وذاتية ليس المجال متاحا هنا لتحديدها وتناولها بالتحليل ..
ولعل من بين مكونات هوية فقيدنا الثابتة في فكره وسلوكه الإيمان بالحوار في تدبير جميع القضايا  الخلافية الكبرى  , قال فقيدنا في سنة 1997 في إحدى المناظرات : " أعتقد أنه يجب التعامل مع القضايا مثل المرأة , مثل الحداثة , مثل مسألة العلمانية والثورة العلمية والتكنولوجية لا من منظور سياسوي , بل من منظور يقدر المسألة حق قدرها... وأعتقد أن هناك الكثير والكثير الذي يمكن لهذا المجتمع أن ينجزه بطرق وفاقية وحوارية " .  ما أحوجنا اليوم في ظل الضجيج السياسوي السائد, والنقاشات " المتوحشة " في غالب الاحيان لتلك القضايا التي أشار إليها فقيدنا إلى العمل بهذه الروح " الوفاقية والحوارية" لما فيه مصلحة وطننا وتقدمه الديمقراطي والتنموي  
وهو المهووس بالمعرفة كحفر في الميدان لا كتأمل في انعزال , ظل يوصي رحمه الله بتطوير البحث السوسيولوجي , و الإ هتمام بسؤال مستقبل درس السوسيولوجيا , قال في 2009 أمام جمهور من المهتمين في حفل تكريمه من طرف جمعية أصدقاء السوسيولوجيا : " لدي توصيتان : أن يقع مجهود لإنجاز بحث واسع حول مهنة السوسيولوجيا , ماذا حدث للطلبة اللذين مروا من الشعبة الأصل والشعب التي جاءت بعدها , ماذا حدث لأساتذتها  ؟ .... " والتوصية الثانية عقد ندوات فكرية  مختلفة وفتح نقاش حول تدريس السوسيولوجيا , كيف يمكن أن نطورها ..؟ "

غادرنا الفقيد ومازالت السوسيولوجيا محتاجة لخبرته كباحث ومدرس ,  غادرنا السي محمد والسياسة في أشد الحاجة إلى نزاهته وتواضعه ونكران ذاته  وقبل ذلك وبعده ,إلى روحه الديمقراطية المتأصلة فيه قولا وفعلا و تدبيرا للعلاقات..  غادرنا  ا ولكنه لن يموت فينا  : ستظل روحه و سمات شخصه  و   إنجازاته التي بصمت عقول ونفوس أجيال من طلبته منذ نهاية الستينيات والتي أعطت لحزبه , الذي ظل وفيا له حتى في أقسى المحطات معنى  أن يكون ديمقراطيا اشتراكيا وحداثيا  .. وذلك هو عزاؤنا فيك أيها الفقيد المنارة  ..       

نشر في : 2:17 م |  من طرف ABDOUHAKKI
مكرمة العلماء :محمد الشغروشني
خاص بالموقع

ما بين حسرة الفراق ولوعة الفقد في قلوب وعيون المحبين سواء كانوا من الأقربين أو البعيدين، سيظل علم وثقافة العالم السوسيولوجي والمناضل السياسي الدكتور محمد جسوس حاضرا فينا لا بالنظر لخصاله الحميدة وحكمته وعلمه وإسهاماته في إرساء البحث السوسيولوجي بالمغرب، بل كذلك لاستماتته وإصراره على المضي في الحضور السياسي، ومن غير مطمع في مناصب أو مراتب أو مغانم، كما هو الشأن بالنسبة للكثير من مثقفي الأحزاب السياسية في لحظة تاريخية ما، ظل المرحوم وفيا لقناعاته الثقافية والسياسية إيمانا برسالة الحكمة ومن خلالها علم الاجتماع، باعتباره علما ما انفك التحامه بمختلف الفئات الاجتماعية وقضاياها المختلفة في السراء والضراء، وتلك مكرمة تحسب لعلمائنا الأبرار ,

مكرمة العلماء :محمد الشغروشني

مكرمة العلماء :محمد الشغروشني
خاص بالموقع

ما بين حسرة الفراق ولوعة الفقد في قلوب وعيون المحبين سواء كانوا من الأقربين أو البعيدين، سيظل علم وثقافة العالم السوسيولوجي والمناضل السياسي الدكتور محمد جسوس حاضرا فينا لا بالنظر لخصاله الحميدة وحكمته وعلمه وإسهاماته في إرساء البحث السوسيولوجي بالمغرب، بل كذلك لاستماتته وإصراره على المضي في الحضور السياسي، ومن غير مطمع في مناصب أو مراتب أو مغانم، كما هو الشأن بالنسبة للكثير من مثقفي الأحزاب السياسية في لحظة تاريخية ما، ظل المرحوم وفيا لقناعاته الثقافية والسياسية إيمانا برسالة الحكمة ومن خلالها علم الاجتماع، باعتباره علما ما انفك التحامه بمختلف الفئات الاجتماعية وقضاياها المختلفة في السراء والضراء، وتلك مكرمة تحسب لعلمائنا الأبرار ,

نشر في : 2:08 م |  من طرف ABDOUHAKKI

الثلاثاء، 18 فبراير 2014

محمد جسوس السوسيولوجي الذي يسكنه الوطن :عبد السلام خلفي
انتبه باكراً إلى التنوع اللغوي بالمغرب؛ انتقد الطروحات الاختزالية للحركة الوطنية عن الهوية المغربية؛ تنبّهَ منذ أكثر من ثلاثين سنة إلى أن المسألة الثقافية بالمغرب هي أخطر مسألة سنواجهها في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين؛ اعتبرَ    الأمازيغية لغة كاملة المقومات بالرغم من تنوعاتها اللهجية؛ دافع عن فكرة أن للمغرب لغتان وطنيتان وأنهما بمثابة الرِّجْلَيْن اللذين يتحرّكُ عليهما الوطن ورفضَ أن تُقطعُ إحدى هاتين الرجلين كي تُضخَّمَ الأخرى؛ ربط إشكالية اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالدفاع عن الفلاحين والمعوزين والعمال والكادحين؛ طالب بإنشاء معاهد للدراسات والأبحاث الأمازيغية، ونادى بضرورة تأسيس قنوات تلفزية وإذاعية باللغة الأمازيغية؛ كرّرَ على مسامع العمداء ورُؤساء الجامعات والوزارات المكلفة بالتربية الوطنية والتعليم العالي فكرة فتح شعب للغة والثقافة الأمازيغية؛ واقترح أن تُدرّس في المدارس الابتدائية بل وأن تُستَعمَلَ في المحاكم؛ وتُطلَقَ الأسماء الشخصية الأمازيغية على المواليد بوصفها حقاً من حقوق الإنسان؛ كما نادى بفتح الأبواب مشرعَة لمن أراد أن يسمي الشوارع والمؤسسات العمومية بالأمازيغية... لقد كان صدرُ الوطنية فيه رحباً في زمنٍ لم يكن يُنظرُ فيه إلى الأمازيغية إلا بوصفها رديفاً لما سُمي بالظهير "البربري"، أو بوصفها "سوسة" للتشتّت والتشرذم.

سنتذكّرُ محمد جسوس... سنتذكّرُه دائماً لأنه قال كلمة حق في زمن كان فيه الحقُّ أحادياً واستيعابياً وانصهارياً وإقصائياً.

محمد جسوس السوسيولوجي الذي يسكنه الوطن :عبد السلام خلفي

محمد جسوس السوسيولوجي الذي يسكنه الوطن :عبد السلام خلفي
انتبه باكراً إلى التنوع اللغوي بالمغرب؛ انتقد الطروحات الاختزالية للحركة الوطنية عن الهوية المغربية؛ تنبّهَ منذ أكثر من ثلاثين سنة إلى أن المسألة الثقافية بالمغرب هي أخطر مسألة سنواجهها في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين؛ اعتبرَ    الأمازيغية لغة كاملة المقومات بالرغم من تنوعاتها اللهجية؛ دافع عن فكرة أن للمغرب لغتان وطنيتان وأنهما بمثابة الرِّجْلَيْن اللذين يتحرّكُ عليهما الوطن ورفضَ أن تُقطعُ إحدى هاتين الرجلين كي تُضخَّمَ الأخرى؛ ربط إشكالية اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالدفاع عن الفلاحين والمعوزين والعمال والكادحين؛ طالب بإنشاء معاهد للدراسات والأبحاث الأمازيغية، ونادى بضرورة تأسيس قنوات تلفزية وإذاعية باللغة الأمازيغية؛ كرّرَ على مسامع العمداء ورُؤساء الجامعات والوزارات المكلفة بالتربية الوطنية والتعليم العالي فكرة فتح شعب للغة والثقافة الأمازيغية؛ واقترح أن تُدرّس في المدارس الابتدائية بل وأن تُستَعمَلَ في المحاكم؛ وتُطلَقَ الأسماء الشخصية الأمازيغية على المواليد بوصفها حقاً من حقوق الإنسان؛ كما نادى بفتح الأبواب مشرعَة لمن أراد أن يسمي الشوارع والمؤسسات العمومية بالأمازيغية... لقد كان صدرُ الوطنية فيه رحباً في زمنٍ لم يكن يُنظرُ فيه إلى الأمازيغية إلا بوصفها رديفاً لما سُمي بالظهير "البربري"، أو بوصفها "سوسة" للتشتّت والتشرذم.

سنتذكّرُ محمد جسوس... سنتذكّرُه دائماً لأنه قال كلمة حق في زمن كان فيه الحقُّ أحادياً واستيعابياً وانصهارياً وإقصائياً.

نشر في : 10:41 م |  من طرف ABDOUHAKKI

ــــ ملف خاص بتأبين الدكتورأبوالسوسيولوجيا المغربية محمد كسوس تقديم عبده حقي

ملف خاص بتأبين الدكتورأبوالسوسيولوجيا المغربية محمد كسوس


ــــ ملف خاص بتأبين الدكتورأبوالسوسيولوجيا المغربية محمد كسوس تقديم عبده حقي

نشر في : 1:01 م |  من طرف ABDOUHAKKI
الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحريرــ الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحرير
back to top