محمد جسوس السوسيولوجي الذي يسكنه الوطن :عبد السلام خلفي
انتبه باكراً إلى التنوع اللغوي بالمغرب؛ انتقد الطروحات الاختزالية للحركة
الوطنية عن الهوية المغربية؛ تنبّهَ منذ أكثر من ثلاثين سنة إلى أن المسألة الثقافية
بالمغرب هي أخطر مسألة سنواجهها في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين؛
اعتبرَ الأمازيغية لغة كاملة المقومات بالرغم
من تنوعاتها اللهجية؛ دافع عن فكرة أن للمغرب لغتان وطنيتان وأنهما بمثابة الرِّجْلَيْن
اللذين يتحرّكُ عليهما الوطن ورفضَ أن تُقطعُ إحدى هاتين الرجلين كي تُضخَّمَ الأخرى؛
ربط إشكالية اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالدفاع عن الفلاحين والمعوزين والعمال والكادحين؛
طالب بإنشاء معاهد للدراسات والأبحاث الأمازيغية، ونادى بضرورة تأسيس قنوات تلفزية
وإذاعية باللغة الأمازيغية؛ كرّرَ على مسامع العمداء ورُؤساء الجامعات والوزارات المكلفة
بالتربية الوطنية والتعليم العالي فكرة فتح شعب للغة والثقافة الأمازيغية؛ واقترح أن
تُدرّس في المدارس الابتدائية بل وأن تُستَعمَلَ في المحاكم؛ وتُطلَقَ الأسماء الشخصية
الأمازيغية على المواليد بوصفها حقاً من حقوق الإنسان؛ كما نادى بفتح الأبواب مشرعَة
لمن أراد أن يسمي الشوارع والمؤسسات العمومية بالأمازيغية... لقد كان صدرُ الوطنية
فيه رحباً في زمنٍ لم يكن يُنظرُ فيه إلى الأمازيغية إلا بوصفها رديفاً لما سُمي بالظهير
"البربري"، أو بوصفها "سوسة" للتشتّت والتشرذم.
سنتذكّرُ محمد جسوس... سنتذكّرُه دائماً لأنه قال كلمة حق في زمن كان فيه الحقُّ
أحادياً واستيعابياً وانصهارياً وإقصائياً.
0 التعليقات: