محمد جسوس: الهادئ الوقور:د سعيد يقطين
خاص بالموقع
لا يمكن للمرء إلا أن يحزن لفقدان مثقف
جليل من عيار محمد جسوس. لم أتعرف عليه بشكل مباشر، وأتيحت لنا فرص قليلة للقاء.
كان الصورة التي كونتها عن الرجل، وأنا طالب، وإلى الآن، لم تتغير ولم تتبدل. لم
أسمع عنه إلا الخير، وفيما قرأت له، أو سمعته، يبدو لي الفقيد نموذجا للمثقف
المغربي الأصيل الذي كنا نقرأ عنه في كتب التراجم، وما يتمتع به من خصال نادرة.
سمتان أساسيتان أختزل من خلالهما مميزات
الرجل وخصاله الثقافية: الهدوء والوقار. هدوء العالم الاجتماعي الذي تشبع بالروح
العلمية في فهم الظواهر وتفسيرها، فكان يحترم الآراء المخالفة، ويرد عليها، وحتى
في أقصى درجات السجال العقيم، برزانة وسعة صدر. أما الوقار فهو صنو ذاك الهدوء،
والذي يتجلى في السياسي المحنك الذي لا ينفعل أمام التيارات الهادرة التي لا تبقي
ولا تذر. إنه يتعامل معها بحكمة وتبصر. عاين الفقيد تاريخا حافلا بالصراعات
والخلافات المجانية، ولكنه ظل وفيا للروح الوطنية، والعلمية، فكان مثالا للمثقف
العالم الملتزم.
عندما تضيع مثل هذه القيم التي تشبع بها
محمد جسوس، رحمه الله، فلا مجال للحديث عن علماء ولا سياسيين. وكل الأمل أن يكون
الوقوف في ذكراه، لاستحضار هذا الهدوء وذاك الوقار، لأنهما رهان تطورنا في
المجالات العلمية والاجتماعية والسياسية التي كرس لها الفقيد كل حياته، زاهدا في
المناصب، متعاليا على الكراسي، متعففا عن
المواقع.
0 التعليقات: