الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

تحولات الكتاب في زمن النت : ترجمة : عبـده حقـي كتبتها: ماري ليبير.

نشرت من طرف : ABDOUHAKKI  |  في  2:54 م


هذا النص هو فيالأصل مساهمة من ماري ليبير في كتاب ‘المعركة: من الكتاب الورقي إلى عصر الورق الرقمي.
وهو مؤلف جماعي تحت إدارة إيريك لوراي، وجون بول لافرانس، المؤلف الذي نشر فيدجنبر 2007 فيالمطبعة الجامعية بالكيبيك.
ومحتوى هذا النص هو توليفة من كتابي ‘تحولات الكتاب في زمن النت الصادر فييوليو/تموز2007،وكتاب ’010101′ الصادر في سبتمبر (شتنبر)/أيلول 2003.
وقد تم نشرهما على الموقع الخاص بالدراسات الفرنسية NEF كما تم نشره في نفسالوقت من طرف المكتبة الرقمية Numilog.
أسماء البعض منهم في هذا النص.
إن هذين العملين يقتعدان على حوارات مع العديد من المختصين في مجال الكتابوالذين سنثير
***
لقد قلب التطور التكنولوجي والإنترنت عالم الكتاب الذي ظهر منذ أكثرمن خمسة قرونفي أشكالمختلفة. هذا الكتاب، وبهذا الشكل الذي بين أيدينا، بدأ يعرف عدةتحولات. فإذا كان الكتاب اليوم مافتئ يحتفظ بمكانته، فإن الكثيرمن دعاماته أصبحت تتطوروالعادات الإنسانيةالمرتبطة بها بدأت هي أيضا تتغير؛ ولقد بدأت بوادر هذه الحركةمنذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي مع ظهورالنص الإلكترونيوالناشرينالإلكترونيين والمكتبات علىالخطEn ligne والمكتبات الرقمية.
وبلغ هذا التطور شأوا آخربعد سنة 2000 مع ظهور مايسمى بالقاموس على الخطوالقواعد النصية علىشبكة النت، والأعمال المتعددة الوسائط والكثير من الكتبالرقمية والكتب الرقمية الخاصة بالمكفوفين وضعيفي البصر وظهرت برمجياتالترجمةوبرمجيات القراءة الحاسوبية إلخ،وأخيرا، وليس أخيرا، نحن اليوم بانتظارالورقالرقمي.
يشكل النت أهم اتجاه للكتاب الرقمي؛ لقد أصبح النت في بضع سنين أضخمأنسيكلوبيديا ومكتبةوأوسع جسم صحافي الأشهر اكتمالا؛ وإضافة إلى كل هذا فالنت باتيقدم خدمات خاصة بالكتاب، مثل رقمنة الأعمال الورقية، خلقبرمجيات القراءة، خلقالكتب الرقمية، ووضعآليات للقراءة رهن إشارة جميع القراء.
لقد صار بإمكان المكفوفين وضعيفي البصرالإطلاع على الأعمال العلمية والأدبية بعدأنتم تحويلها إلى كتب رقمية ونشرها على النت. فإلى جانب الكتاب الورقي فقدظهرالكتاب الإلكتروني الذي يمكن مطالعتهعلى الحاسوب أوجهاز خاص أوعلى لوحة Tablette للقراءة، ومن جهة أخرى فقد تمكن العديد من الكتاب من إستثمار الإمكانيات التيتوفرها تقنية (الروابط المتعددة) من أجل خلق أشكال سردية جديدة.
لقد زلزل العفريت الرقمي عالم النشر الذي عرف باستقراره منذ أكثر من مئة سنة؛وخلافا لبعضتكهنات البعض من ذوي الأحكام المتسرعة التي يطلقونها وخصوصامنهمالأخصائيون المتحمسون للمد الرقمي، فإنالكتاب الورقي لايبدو حتى هذه اللحظة مهددافي كيانه كما أن ساعة احتضار الورق غير واردة فيالأفق.
من حظ القراء ومريدي المعرفة والتعلم أننا أصبحنا نتوفر على سندين للتعلموالمعرفة بدلا منسند واحد؛ إن الكثير من الأعمال الورقية الحالية قد تخلصت عنطريقمعالجتها رقميا إنطلاقا من قواعدمعطيات الشئ الذي جعل من الأيسر الحصول على نفسالعمل الأدبي بمظهرين: ورقي ورقمي.
وإذا كان العديد من القراء اليوم يستثمرون الكثير من إمكانيات القراءة الرقميةفهذا لا ينفيأن فئة قليلة فقط هي التي صارت تشتغل على (0 ورق ـ صفر ورق) والكثيرمنهم ما فتئوا يعشقون الكتاب الورقيلسهولة استعماله ومن جهة أخرى رغبة في تملكه.
يبلغ عمر الكتاب الورقي خمسة قرون ونصف، أما الكتاب الرقمي فيصعب تحديد تاريخميلاده. فإذا مااعتبرناه نصا إلكترونيا فإننا يمكن أن نحدد عمره في 35 سنة معإطلاق مشروع (غوتمبرغ) سنة1971 من طرف ميشيل هارت الذي كان يطمحإلى التوزيعالمجاني للأعمال ذات المواضيعالعامة بواسطة الفاعل الإلكتروني. وكان على الإنسانيةأن تنتظر تطور النت أواسط التسعينيات كي ينطلق فعليا نشر النصوص الرقميةعلىالمستوى العالمي.
أما إذا نظرنا إلى هذا التطور الرقمي من الوجهة الإقتصادية فيمكن القول إنالكتاب الرقمي قدولد سنة 1998 مع دخول سوق البيع بعض العناوين الرقمية الأولى منطرف دار النشر .com 00www.00h التي انقرضت لأسباب غير معروفة.
لكن باعتماد التجديد فالكتاب الرقمي التجاري سيأخذ انطلاقته الفعلية بعد سنتين (أي سنة 2000) وتحديدا في النصف الثاني منها؛ وهكذا وفي نونبر (نوفمبر) تشرينالثاني من سنة 2000 وضعت (مكتبة بريتيش) على النت الطبعةالرقمية لـ (إنجيلغوتمبرغ) (1454 – 1455) الكتاب الذي لم يسبق طبعه ورقيا.
إن الكتاب باعتباره أصلا عملية تجميع للعديد من الأوراق المطبوعة التي تشكل حجماما؛ فإنإستعمال مفهوم (كتاب) وارتباطه بالصفتين (رقمي) و(إلكتروني) يثير عندالبعضبدعة إذا إعتبرنا الكتاب سندا ماديا. لكن هذه الرؤية قد تبدو مقبولة إذا ما أخذنابعين الإعتبار بعده المطبعي. أليس الكتاب محتوى قبل أن يكون سندا ماديا؟
فسواء أكان الكتاب ورقيا أم رقميا فهو بالدرجة الأولى مجموعة من الكلمات نابعةمن شخصيرغب في التواصل بأفكاره ومشاعره أوعلومه في مستوياتها العالية،الرفيعة.
نقول وثيقة إلكترونية؟ وثيقة رقمية؟ كتاب إلكتروني؟ كتاب رقمي؟ يجب علينا أننحدد العبارةالملائمة واللائقة. لقد سبق لـ (جون غابرييل غاناسيا) وهومديرمجموعةذات اهتمامات علمية(GIS) منذ 1995 أن أشار إلى هذا في تقرير بحث أنجزته شعبةالمستقبليات خصص لموضوع الكتاب الإلكتروني فقد خلص هذا البحث إلى أن مفهوم (الكتابالرقمي) في اللغة الفرنسية يبقى مفهوما قاصرا بل وفي غير محله. إن هذا المفهوم يبدوقاصرا لكون الكتاب يشير إلىسند خاص للكتابة التي هي وليدة حقبة زمنية سحيقة بينماالوثيقة الإلكترونية تتضمن الكتابة والصورة والصوت.
إنه أيضا مفهوم غير ملائم لأننا لا يمكن أن نقارن مفهوم الكتاب بمفهوم إلكتروني؛فنحن بصدد شئلامادي، افتراضي ومحدد بواسطة مجموعة من الأساليب والطرقالمؤديةوهيكلة منطقية؛ فضلا عن أن الأمريتعلق بشكل محدد ووظيفة محددة، كما تجدر الإشارةإلى أن النظام الخاص بما يسمى الكتاب الإلكتروني لم يحدد بعد من قبلالمهتمينوالمختصين.
إنه أيضا نفس الرأي عند (بيير شويتزر) مخترع مشروع @folio اللوحة الرقمية (القراءة الجوالة) الذي كتب في يوليو/تموز 2002 ‘وكنت دائما أجد أن عبارة كتابإلكتروني عبارة خائنة ومفخخة أيضا؛ لأننا عندما نقول (كتاب) فإننا نرى شيئا مبتذلامن ورق، شيئا أكثر رواجا إلى درجة أنه صار غير ذي قيمة (…) بينما يتعلق الأمرببلوغ ذروة summum التكنولوجيا في هذه الحضارة الرقمية الراهنة.
وإذن فإن مفهوم (كتاب) يعني بالإضافة إلى بعده المطبعي محتوى ما بحيث أن الشئالتقني،العبقري لا نراه يتحقق. ومن هنا فإن البعد الخاص بالكتاب باعتبارهشيئاتقنيا يمكننا من التصفيح والتوريقوالحفظ والتوزيع والتسويق والنشر والتبادل الخأعمال أدبية وعلوم، كل هذا يبدو أساسيا بصفة
مطلقة؛ وعندما نقرنه بـ (إلكتروني) أو(رقمي) فهذا يعني شيئا آخر: إنه لا يعني البعد الأساسي للكوديكس، لكنه العملالخارق، الصموت للتدفق والسيولة التي تمكن من نقل المعرفة عن بعد، وشحنالذاكرةالخ.
وكل هذا لاعلاقة له مع عبقرية الكوديكس الأصيلة؛ إن ما يتعلق بالنت هو شئ آخرمختلف عنتاريخ التلغراف والهاتف ومختلف الشبكات (…) إننا نعيش مرحلةانتقاليةمزعجة موسومة بتعميم الوثائقالرقمية ورقمنة العديد من الوثائق الورقية على أعلىمستوى والتي تبقى رغم ذلك وفية لأصلها الورقي؛ ولأسباب عملية أكثر منهاوجدانية فمنالصعب على عشاق الكتاب تجاوز الكتاب الورقي الذي لا يبدو كما يتصور البعض موتهوشيكا في المستقبل المتوسط أوالبعيد بل على العكس من ذلك قد يفاجئ الإنسانية بعمرهالمديد.’
في مقال له صدر في فبراير سنة 1997 على صفحات مجلة (إعلاميات – أخبار) ألح بييربيرو مؤسسالمكتبة الرقمية (أثينا) (Athena) ألح على التكامل بين النص الرقمي والنصالورقي.
إن النصوص الرقمية في رأيه تمثل تحفيزا على القراءة وإسهاما وافرا في نشرالثقافة، خصوصا فيمجال الدراسة والبحث النصي. إن هذه النصوص الرقمية هي بمثابةمكمل للكتاب الورقي الذي سيبقى عنصرا محوريا وأساسيا لا نظير لهفي مجال القراءةوالتكوين والمعرفةوالإبداع. وإذا بات من المؤكد والضروري الاعتماد على النصالرقمي؛ فإن الكتاب الورقي سيبقى كذلك، وإلى ما لانهاية، ذلكالمرافق المقدس الذيتلتقي في عمقه الكثيرمن الرموز: فنحن نضمه بأيدينا، نحضنه، نرنو إليه، يجذبناأحيانا شكله وحجمه الصغير أكثر من محتواه؛ إن (هشاشته) تخفيكثافة فاتنة، مثلالإنسان الذي يخشى الماءوالنار، غير أنه مع ذلك يتوفر على القوة التي تجعل كينونةالكتاب الورقي في مأمن من عوادي الزمن.
يبدو إذن أنه من غير اللائق وضع الكتاب الرقمي والكتاب الورقي موضع تعارض كماأشار إلى هذاأوليفيي بوجول رئيس شركة (ليستال) ومقاول مؤسسة (سيبوك Cybook) وهيعبارة عن لوحة إلكترونية للقراءة!
إن الكتاب الإلكتروني الذي يمكننا من القراءة الرقمية لا ينافس الورق فيدجنبر2000؛ بلإنه مكمل للقراءة ويفتح آفاقا جديدة لنشر الأعمال التي تتآصرفيهاالكلمة بوسائط أخرى (الصورة، الصوت،صورمتحركة …) فالواقع يبين استقرارا فيالاستعمال الورقي في مجال القراءة فضلا أيضا عن تصاعد في صناعة النشرالخاصةبالكتاب الرقمي والكتاب الإلكترونيعلى غرار الموسيقى الرقمية التي مكنت المولعينبها من الوصول إلى الاستمتاع والإبداع فإن القراءة الرقمية تلغي الكثير من العوائقللوصول إلى (النص) سواء بالنسبة لجيل الشباب أو الأجيالالسابقة.
إذا كان البعض قد تسرع في قرع ناقوس الخطر على مستقبل الورق، فإنه أصبح الآن لايتحدث فقط عن(الرقمي الشامل) في المستقبل القريب، بل بدأ يبشر بتجاور بين (الورق) والبيكسيل Pixelويبشر كذلك بالعمل ذي الوجهين (ورقي ورقمي).
ويبقى على الكتاب الرقمي أن يكشف عن مؤهلاته وإضافاته القيمة مقارنة مع الكتابالورقي الذي رسخدوره في المنظومة الإقتصادية منذ أكثر من خمس مئة سنة ونيف (…) هناك عمل جبار ينتظر الكتاب الرقمي خصوصا ما تعلق بإنشاء سلسلات collections وشبكاتللتوزيع وتحسين أجهزة القراءة وكذلك تخفيض أثمنتها؛ أكثر من هذا على القراء أنيتعودوا على القراءة علىالشاشة؛ بما توفره هذه الأخيرة من امتيازات وإيجابيات كـ (البحث النصي، الفهرسة الثابتة).
وبصفة عامة فإن إستعمال هذه الآلات (الحاسوب، الجهاز الشخصي، الهاتف الجوال،السارتوفون، أو اللوحة الإلكترونية، لا يعادل) بأي شكل من الأشكال الوضعوالمناولةالمريحة التي يمنحنا إياها
الكتاب الورقي؛ ومع ذلك رغم بعض الصعوبات التي تعترضالقراء الرقميين فإن أتباعالقراءة الرقمية في تصاعد مستمر؛ وإنهم بانتظار أجهزةللقراءة أكثر تقنية ونجاعة وكتبا وجرائد إلكترونية على أجهزة أكثرمرونة.
ولأسباب مالية بالأساس فالعديد من المنشورات لا تتحقق على اللوحة الرقمية؛فبالإضافة إلى سهولةالحصول على الوثيقة الإلكترنية وثمنها البخس فبإمكاننا تحيينهافي كل لحظة وحين، وهذا هو أوج التقدم الرقمي (…) كما أننا لمنعد في حاجة إلىانتظار طبعة ثانية وثالثةو.. و.. تحت رحمة الإكراهات التجارية وإرغامات الناشرخصوصا ما تعلق بالأعمال والدوريات العلمية والتقنية حيث تكون المعلومةالعلميةجديدة وأساسية والتي يجب تحيينهابصفة مستمرة. فالبنسبة لهذه المنشورات العلمية فإنالتكنولوجيا الرقمية صارت تدعو إلى التفكير العام في دلالة النشر والتوجه إلى النشرالأون لاين.
إن السحب الورقي سيبقى أبدا أساسيا؛ فهناك العديد من الجامعات والكليات التيصارت تنشر مراجع ‘على المقاس’ تتألف من اختيار دقيق للفصول والمقالات علىقاعدةمعطيات، التي يضاف إليها تعاليق الأساتذة؛ فبالنسبة لمؤتمر أو منتدى فإن سحب القدراليسير من الوثائق قد يكون تحت الطلب انطلاقا من وثيقة إلكترونية منقولة عبر وسيطإلكتروني إلى إحدىالمطابع، بينما المجلات الأونلاينية ذات البث الإلكتروني فإنهاغالبا ما تعتمد على شراكة مع مؤسسة مختصة في الطبع تحتالطلب.
كتبت الباحثة والأستاذة في مؤسسة الدراسات التطبيقية العليا ماري جوزيف بيير، فيفبراير 2003 (يبدو لي أن نشر المقالات والأعمال العلمية قد بات يأخذ أشكالارقميةالشيء الذي سيمكن الباحثين من استثماربنوك المعلومات المتطورة جدا والتي ستمكن منالتوصل المباشر والحوار بين الكتاب؛ إن مؤسساتنا مثل (المركز الوطنيللبحث العلمي CNRS) قد بادرت إلى تحفيز الباحثين على نشر أعمالهم على الخط (أون لاين) كما حثتالمشرفين على المختبرات العلمية على نشر أبحاثها على الصفحاتالإلكترونية وبالسرعةالمطلوبة.
إن علاقاتنا العملية خلال السنتين أو الأربع سنوات القادمة عليها أن تنحو هذالمنحى السابق (منحى البث النتي). فالورق لن يتوارى رغم هذا التطور وأعتقد أننسبةاستهلاكه سوف ترتفع، لأننا حينما نرغبفي الاشتغال على نص ما فإن الكتاب الورقييكون طوع أيدينا وبالسهولة التي نريد، وأعتقد أن الكثير من المجلاتالرقمية يتمتحويلها إلى مجلات ورقية؛فالمرور من البث الورقي إلى البث الأونلايني أو العكسيفسح المجال للمراجعة والفحص واستدراك الثغرات وهذا شئ مهم وأساسي في أيعمل.
إن التكنولوجيا الرقمية تفتح آفاقا واسعة بالنسبة للكتاب المبدعين (…) ففي سنة 2000 قررت الروائية آن بيندك جولي، إنشاء موقعها الإلكتروني لنشر أعمالها وبعدشهرين فقط على وضع موقعها على الويب صرحت ‘بعدأن تعرضت الكثير من أعمالي إلىالرفض من طرفدور النشر أجد اليوم هذه الإمكانية الرقمية الباهرة لنشر أعماليوكتاباتي؛ إننا نكتب لكي يقرأنا الآخرون. ومنذ إنشاء موقعي ذاكأعتبر نفسي كاتبةوناشرة وأتحمل لوحدي عبءكل مسلسل العمل الأدبي من الكتابة إلى التسويق مرورا بجميعالعمليات التقنية الأخرى الخاصة بالطبع والتصفيح وإعطاء رقمالإيداع القانوني .. إلخ.
كانت كتبي من قبل لا تتعدى القاعدة العامة 250 نسخة تمكنني بالكاد من استرجاعبعض المصاريف (…) وأعتقد أن النت هو وسيط سريع وعالمي وأنا أجد نفسي جد مقتنعةأنالكتاب الورقي ما فتئ يستهوي الكثير منعشاقه. إن الإشكالية تكمن في نوعية الطبعلدى بعض الناشرين حتى لا نقول
 تقاعسنا أمام كلفة صناعة الكتاب كما أنهميفضلون منطقالسوق على المغامرة بنشر بعض الأعمال الأدبية المغمورة.
إذا أجزمنا القول بأن النت والكتاب الإلكتروني لن يعوض بأي حال من الأحوالالكتابالورقي فإنني جد مقتنعة أن الإبحار في هذه الشبكة التواصلية هو أمرإيجابيبالنسبة للكثير من الكتاب الأقل شهرة.’
يمنحنا البث الرقمي العديد من الإمكانيات الهائلة مهما كان وضعنا الإعتباريكتابا أمروادا.
فقد كتب نيقولا بيوني في فبراير/شباط 2003 ‘إنني أنظر إلى الكتاب الرقمي فيالمستقبل مثل (العمل الجامع) بين العديد من الأدوات التواصلية بين النصوالصوتوالصورة والصورة المتحركة والفيديووالكتابة التفاعلية؛ إنها طريقة جديدة للتصوروالكتابة والقراءة على صفحات كتاب فريد ودائم التجدد.’
أما بيير شويتزر الذي تعرفنا عليه سابقا مخترع مشروع folio@ يعود في يناير/كانونالثاني 2007 ليقول ‘إن القراءة الرقميةتجاوزت إلى أبعد مدى، وأبعد جدا سؤالالكتابأو الجريدة، وهذان السندان سيظلان من دون شك أهم دعائم القراءة التي لنيتمتجاوزها على المستوى التقني وأعتقد أنهذه الثورة الرقمية لن تحقق كل ما يحلم بهالرقميون في طور جيل واحد (…) وسنرى أشكالا أخرى للنشر جد متطورة علىالشبكةالنتية. إن النت قد بات يتحدى النشرالورقي ونعني بهذا أسلوب النشر على الشبكة (أسلوب غير مادي = صفر في التكلفة)، أما النشر الورقي فإلى حدود اليوم لم يتمكن منتحديد تكلفاته لذا فقد يحتلفاعلون آخرون مكانته.’
يبدو إذن من العبث بل من الأخطر أن نفكر في تحويل إيكولوجية الورق إلى ملقط جنين forceps. إننا سنهدمها إذا ما أقدمنا على ذلك؛ فبعض المحتويات الخاصة جدا وبعض دورالنشر العلمي وبعض الأدلة (ج دليل) التطبيقيةوبعض الكتب التي تلقى بعد (الإستهلاك) jetableمن صنف، وبعض الأجزاء الأخرى تسيطر على طاولات المكتبات العامة يمكنها أيضاأن تتعرض للتحول الرقمي: إنعاداتنا المرتبطة بالقراءة لن تنقلب رأسا على عقب بينعشية وضحاها؛ إنها عادات مرتبطة بعاداتنا الثقافية وهي تتطور ببطء أولابأول بحسبقبول الأجيال الحالية والقادمةبها.
وفي رأي دونيس زويرن، رئيس أكبر مكتبة رقمية (نوميلوغ) Numilog في حوار صدر سنة 2007 ‘إن سنة 2008 ستعرف لا محالة انحدارا أوليا في منحنى سوق النشر الإلكتروني؛إذ هناك العديد من المؤشراتعلى ذلك:
1 ـ تطور الكاتالوغات (الأونلاينية) التي تستعمل بصفة واسعة وظائف البحث فيالكتب المرقمنة، مثلما هو الشأن بالنسبة لمستقبل المكتبة الرقمية الأروبية (فولتيكسشاس أون لاين) أو(غوغل) أو (أمازون)، فبمجرد ما يتم العثور
على المحتوى في عمل ماعن طريق أحد محركات البحث فمن الطبيعي أن المستعمل سيطمع في المادة ككل في صورتهاالرقمية.
2 ـ إن العديد من التطورات التقنية الحاسمة على غرار مثلا مقترح تسويق أجهزةالقراءة القائمة على الحبر الإلكتروني التي لاشك أنها ستحسن من تجربة القراءةالنهائية للمستفيد وذلك بتقريبها من القراءة الورقية، مثل أعمال إيريكس أو سونيريدير؛ وفي جانب آخر فإن هذا التقدم يهم أيضا تطور سيمارتوفونات جديدة، ذات وظائفمتعددة مثل (البلاك بري) أو(ليفون) حيث برمجيات القراءة على
الحد السطحي قد تطورتبشكل كبير ويتم حاليا التفكير في إطلاق (الأيبوك) على الحاسوب أيضا مثل (الأدوبديجيتال إيدسيون
3 ـ وأخيرا إن التحول في مواقف الفاعلين في هذا الميدان ناشرين وكتبيين إذ أنالناشرين الأنجلوساكسونيين الجامعيين قد شقوا طريقا لهم، الطريق التي سوف يتبعهاالآخرون من دون شك
خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية وشمال أوروبا وفرنسا: إنالأمر يتعلق بمقترح أو لنقل بابتداع رقمي جديد لكل الأعمال حتى بالنسبة لبعضالأعمال المغمورة، فالأمر لم يعد يتعلق بسؤال لماذا؟ بل كيف؟ والمكتبات لن تتأخر فيبيع كتاب رقمي يدخل أيضا في إطار مهنيتها العادية.

إن الكتاب الرقمي لم يعد مسألة جدل أو نقاش أو تعريف تصوري أو إختراع من طرفالخبراء: لقد صارمنتوجا تجاريا وهو أيضا وسيلة للقراءة وهو ليس في حاجة إلى إنتظارأي نموذج للقراءة أكثر حداثة وأعلى نصية وأكثر غنى على مستوى الوسائط المتعددةمقارنة مع الكتاب الورقي، فالأمر في غايةالبساطة يكفي فقط إقتراح نصوص مقروءة بيسرعلى دعامات القراءة الألكترونية؛ إنه لم يعد ولن يكون أبدا مجرد منتوج تافه بل إنهسيصبح منتوجا غنيا بأشكاله المتعددة مثلما كان الشأن للكتاب الورقي.

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحريرــ الآراء الواردة في المقالات والبلاغات تعبرعن أصحابها وليس إدارة التحرير
back to top