..السّند الورقي، في كافّة مجالات النشاط
الإنساني، مجرد ذكرى حضارية من ذكريات أخر د. بنعيسى بوحمالة أستاذ باحث وناقد
لربّما كان من الأنسب مطارحة المسألة من زاويتين
اثنتين، لا تخلوان من مفارقة، هما:
- إنّ التّحول الجارف الذي عرفته تكنولوجيا
الاتصال و وسائطه، من هاتف و إنترنيت، منذ أواخر الألفيّة الثانية يكاد يجعل من السّند
الورقي، في كافّة مجالات النشاط الإنساني، مجرد ذكرى حضارية من ذكريات أخر.
- لعلّ الدّرس الأبلغ، في هذا النّطاق، لهو
أنّ الدول الأكثر رقيّا، و التي يرجع إليها الفضل في مبتكرات الاتصال الحديثة، تبقى
أكثرها إقبالا على الأسانيد الورقيّة و إحلالها، بالتالي، مكانة موازية، بله لائقة،
تجاه الأدوات الافتراضية، و هو ما يقدّمه نموذج الولايات المتحدة الأمريكية، هذا قياسا
إلى جائحة التّنصل، إن شئنا، ممّا هو ورقي و التي تكاد ترين على العالم الثالث لأسباب
منها تدنّي المداخيل، و سيادة ثقافة التّكاسل، و غياب سياسات ترويجيّة و إقرائيّة تخصّ
المطبوع الورقي.
و إذن، و في كنف هذا الاختلاط، الذي لا يعمل، في
وضعية ثقافية هشّة مثل وضعيّتنا، سوى على مفاقمة أزمة المنشورات الثقافية الورقيّة،
و منها الملاحق الثقافية للصّحف الوطنية، التي كانت تعاني، أصلا، قبل أن يدهمها “التّسونامي”
الإلكتروني الجارف فأحرى الآن، و لتقليل الأضرار، لا تنحيّتها بالمرّة، يلزم على مدراء
الصّحف و متعهّدي الملاحق الثقافية الاستفادة، فيما أرى، من الثورات التّجديدية التي
نهض بها القائمون على الصّحافة الورقيّة، و الصّفحات الثقافية خصوصا، في البلدان المتقدّمة
و التي طالت عناصر الكلفة و الإخراج و الجودة و التّرويج، فضلا عن الأجرأة التّداولية
التي خضعت لها المادّة الثقافية و وفّرت لها، كنتيجة، حضورا بارزا و نوعيّا داخل طاحونة
الإخبار السياسي و المجتمعي و الاقتصادي و الريّاضي، و أحيانا الفضائحي، الذي هو شغل
الصّحافة.
0 التعليقات: