لم تعد الكتابة مجرد آلية لتزجية الوقت والخروج
من أجواء الرتابة التي باتت تحاصر الإنسان المعاصر، بل أصبحت فرصة للتعبير يتمكن من
خلالها المبدع من إبداء رأيه بخصوص قضايا الحياة بمعناها الشاسع. وما ينطبق على الكتابة
يمكن أن ينسحب على القراءة التي تفتح أمام القارىء المجال لرؤية العالم بوجوهه المختلفة
والوقوف عن كثب عند سماته والاختلال الذي أصبح يميزه.
إن فعل القراءة هو واحد من حيث صميميته مهما تعددت
أدواتها وأشكالها
.
بمعنى آخر فإن القراءة سواء كانت إلكترونية أو ورقية
فهي سيان من حيث المتعة والجمالية والوظيفيه.
هل بإمكان ما هو إلكتروني أن يغيب ما هو ورقي؟
إن الإلكتروني يعتبر من الناحية النظرية امتدادا
لما هو ورقي وكل واحد منهما يكمل الآخر من حيث القراءة. لذلك فأنا أتهيب كثيرا أمام
بعض التصنيفات التي أصبح يعرفها ويروجها الخطاب الثقافي على من شرعيتها على مستوى الواقع
المادي. وهكذا مكننا أن نتساءل.
هل يوجد بالفعل الكاتب الإلكتروني الخالص، وبالتالي
ماذا عن القارىء؟
إن الأمر هنا يوحي بتداخلات معقدة وتشكلات غائبة
ينبغي أن لا يتم القفز عنها لحظة الحديث عن مثل هذه الإشكالات التي تنتصر للتجاور والتداخل.
في تقديري البسيط ليس بمقدور الإلكتروني أن يمحو الورقي أو يقضي عليه
بالجملة، لأن الأمر يتعلق بحميمية قائمة بين الكاتب والقارىء وتكنولوجيا الإلكترون،
وبين كاتب وقارىء لهما زمنهما الخاص بهما.
إن الأمر ينبغي أن ينظر إليه بيداغوجيا، حيث يتقاطع الاجتماعي بالاقتصادي
والسياسي والثقافي، لأنه ليس بمقدور العالم في يوم ما أن يتحول إلى كائن إلكتروني المائة
في المائة.
والخلاصة أن الإلكتروني يمكنه أن يتعايش مع الورقي
من دون أن يلحق به خسائر ما، ونفس الأمر بالنسبة للورقي. بمعنى آخر فإن الزمن زمن الكتابة
والنشر بمعناهما غير الضيق
0 التعليقات: