عبد الغني
فوزي
شاعرمن المغرب :في دم المعنى
كثيرة هي المشاهد في العالم العربي التي تغمرنا بالأسئلة الحرجة ، فتجعلنا
في قلب المفارقات ضمن وضعيات مختلة ، يطول معها الانتظار الذي يكسر النظريات المستقبلية
على ظهور أصحابها . وفي المقابل ، يترسب الإحباط المركب في ذاك العمق الباحث دوما عن
متكأ المعنى في الحياة العربية الذي يولد نقطة نقطة وخطوة خطوة ؛ وليس بساطا أو طريقا
مفضية . المشاهد اليوم تذهب في المكان والزمان ، ولا يمكن أن تقولبها وتحنطها دورات
السنوات . ولكن قد يكي
.
لا يمكن ـ في تقديري ـ لكل عين أن تتغاضى الآن عن ما يجري في أقطار العالم
العربي من حراك عاصف ؛ يجعل الشارع مسكنا والأفق القريب سقفا . وقد يشكل ذلك نوعا من
الصدمة للكل ؛لآن الحدث العربي في التاريخ مؤشكل ويتحرك بالكاد . وقد تمتد هذه الصدمة
بشكل أعنف ـ رمزيا ـ للمبدع والمثقف ؛ قصد التأمل في الوقائع والوسائط ، في الأحداث
والصور، في العنف المتبادل بصور مختلفة في آفاق هذه التحركات .
يغلب ظني أن هذا التعدد الغاص على اختلاطه والتباسه ، يدعوني لمحاولة
الإحاطة بما يجري كحدث وخطاب وترويج.. وبالتالي تتعدد الأسئلة وتتدافع ،نصوغ منها السؤال
المركب : هل هو حراك يذهب في اتجاه تأسيس أفق ديمقراطي حقيقي ، يؤسس لفضيلة الاختلاف
التي بإمكانها وحدها أن تخلخل بنيات وعقليات وتكلسات في الواقع والمخيال العربيين ؛
أم أننا نقدم قرابين شبيهة بالدم الأسطوري ، لنتيه بين الكمشات والاحتواءات المتعددة
الأقنعة ؟؟
على أي، المبدع مطالب بهذا الفهم العسير ؛ وبإمكانه أن يقدم تحليله وموقفه
الذي يمتد لكتابته بشكل ما . لذا بالنسبة لي ، أبحث الآن عن نص منفتح على هذا الذي
يحدث دون أن يفقد النص ماءه اللصيق بالعمق والروابط الخصبة للإنسان كذات بالحياة والوجود . وعليه ، فالنص يمكنه
أن يكون حاضرا وشاهدا . لكن ليس بالمعنى التاريخي والسياسي ؛ بل بالمعنى الإنساني الذي
يعيد بناء الأشياء وفق متخيل يغني المعركة أي يجعلها ذات خلفية وامتدادات .
الآن وهنا ، نصي منكسر على أباعضه أمام ما يجري ، أستجمعه وأؤثثه بصعوبة
. وهو ما يدفعني إلى إعادة النظر في مفهوم الذات والآخر؛ وفي جماليات الكتابة نفسها…النص
العربي في تقديري عليه أن يتحرر أكثر في أفق تأسيس جماليات جديرة به ، لأنه يحاك قرب
الفظائع والانعتاقات من القيود والأوهام…
كيف يمكن للذات أن تمتص هذه الأحداث على انعكاساتها وتداعياتها ، لتشكيل
قطعة ذات إحساس ورؤيا ما ؟ . فلنحدث حراكا في نصوصنا أيضا دون تقديس وأوهام . من هذه
الزاوية ، يبدو لي أن هذه الأحداث المتسارعة ، تدعونا إلى التحرر من الأوهام والأوهام
المضادة ، للانتصار للعمق والمعنى .
أي نص جدير بهذا ؟ أعني النص الاستثنائي الوليد التراجيديات التي تذهب
في تأثيرها إلى أبعد ذرة في الوجود . وهو ما يؤكد أن قوة المعنى ،تحتاج في المقابل
إلى قوة الصياغة
.
دعونا من الرقص الغافل على الساحات الوهمية ؟
أكيد أن دمنا العربي يصب في المعنى ، وليس في فخاخ
الإيديولوجيا ؟ وإننا له لحافظون…في النص الجريح طبعا .
0 التعليقات: