التشنج والرغبة في المحاسبة تطبع أشغال اليوم الأول
للمؤتمر 18 لاتحاد كتاب المغرب سعيدة شريف من الرباط
خاص بالموقع
مر الحفل الافتتاحي للمؤتمر 18 لاتحاد كتاب المغرب،
الذي نظم مساء أمس بالمسرح الوطني محمد الخامس، في جو هادئ طبعته العديد من الأسئلة
لدى الحضور، هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، أم أن الأمور ستسير كما أراد لها وخطط
من يرغبون في الترشح لرئاسة اتحاد كتاب المغرب؟
كان حضور حفل الافتتاح جد متواضع، فالعديد من الكتاب
والكاتبات قاطعوا المؤتمر، كما أن أغلب رؤساء الاتحاد لم يحضروه، رغم أن الحفل الافتتاحي
خصص للاحتفاء بمرور خمسين سنة على تاريخ تأسيس اتحاد كتاب المغرب، إذ حضر من الرؤساء
السابقين فقط عبد الكريم غلاب، وعبد الرفيع الجواهري، وحسن نجمي، فيما غاب محمد برادة،
وأحمد اليابوري، ومحمد الأشعري، وعبد الحميد عقار، وحتى الذين حضروا لم يتم الالتفات
إليهم بأي كلمة، ولم يجر استدعاؤهم للصعود إلى الخشبة، للجلوس بالقرب من عبد الكريم
غلاب، الذي قاوم المرض والشيخوخة، وقدم شهادة مسجلة دعا فيها أعضاء اتحاد كتاب المغرب
إلى تجاوز الخلافات الشخصية، التي عصفت به، وإلى الالتفات إلى السؤال الثقافي، وإلى
الظرفية الحساسة التي يعيشها المغرب، والتي هي اليوم في أمس الحاجة إلى المثقفين الأصلاء
والنزهاء، الذين يشتغلون باستماتة كبيرة وتضحية من أجل النهوض بالبلد، وهو الشيء الذي
أكده محمد العربي المساري، أحد مؤسسي هذه المنظمة العتيدة، التي انطلقت مغاربية مع
المفكر والفيلسوف الراحل محمد عزيز الحبابي، الذي قال بالحرف “على اتحاد كتاب المغرب
أن يثبت أنه ضروري اليوم”.
ورغم أن حفل الافتتاح عرف حضورا رسميا لبعض الهيئات
السياسية والدبلوماسية، على رأسهم وزير الدولة عبد الله باها، ووزير الاتصال مصطفى
الخلفي، ووزير التربية والتعليم محمد الوفا، ووزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، ورغم
أن منظمي الحفل لجأوا إلى الموسيقى المغربية المتنوعة، التي تعبر عن أصول كل الذين
جرى الاحتفاء بهم وتسليمهم دروع الاتحاد ( غلاب والحبابي وبرادة موسيقى الآلة بفاس،
الصباغ والمساري الطقطوقة الجبلية للشمال، وعيطة الشاوية لمبارك ربيع)، فإن غياب، مجموعة
من الرؤساء السابقين للاتحاد، وعدم الالتفات إلى الحاضرين منهم، أفسد فرحة الاحتفال
بمرور خمسين سنة على تأسيس اتحاد كتاب المغرب، وعجل بتفجير الوضع في أشغال المؤتمر،
التي لم يكتب لها أن تجري بسلام، بسبب الخلافات القائمة بين أعضاء المكتب التنفيذي،
الذين ظلوا ينتقدون بعضهم البعض، متناسين أنهم عم أصل المشكل، وهم الذين أوصلوا الاتحاد
إلى ما هو عليه اليوم,
أولى المفاجآت كانت إعلان مصطفى النحال عضة المكتب
التنفيذي، أنه يتنصل من التقريرين المالي والأدبي، لأنه لم يطلع عليهما شأنه شأن بعض
باقي الأعضاء، ما جعل القاعة تموج بالصراعات والكلام والكلام الضاد، الذي لم ينتهي
رغم محاولة بعض “حكماء الاتحاد” من تهدئة الأمور. لكن الأمور ستأخذ مجرى آخر من التعقيد
لما طالب حسن نجمي، وعبد الغني أبو العزم، ونجيب خداري، وعبد الصمد بلكبير، وآخرين
بتثبيت عضوية المؤتمرين لأنه وقف على تلاعبات ببطائق العضوية، وهو ما أكده أعضاء آخرون،
لكن العلام رفض الأمر جملة وتفصيلا، وقال إنه مضيعة للوقت، ولجأ إلى تبرير ذلك بالقانون
الأساسي، الذي لم ينصفه، لأنه يحث على أن يعقد المؤتمر بحضور ثلثي المؤتمرين، وهو ما
لم يكن باديا، لأن القاعة التي عقد فيها المؤتمر صغيرة جدا، ولا أعتقد أن من حضروا
يتجاوزون المائتين، التي تحدث عنها العلام، ما حذا بالمؤتمرين إلى المطالبة بتشكيل
لجنة للبث في العضوية مع الاستمرار في الأشغال، حتى يجري التأكد من المؤتمرين، لأن
هناك مجموعة من الوجوه حاضرة ولا علاقة لها لا بالاتحاد ولا بالكتابة.
وحتى يمرر العلام ما يغرب فيه طالب الصحفيين بمغادرة
القاعة، وهو ما رفض جميع الصحفيين الحاضرين وعلى رأسهم سعيد عاهد عضو المكتب التنفيذي،
الذي هدد بانسحابه من المؤتمر، إذا ما تم إخراج الصحفيين من القاعة، وهي سابقة لم أسمع
بها ولم أشهدها في مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب السابقة، التي غطيتها بمهنية عالية وفي
أجواء من الاحترام لدهم المهنة، التي يبدو أنها باتت تزعج من نصب نفسه رئيسا للاتحاد
قبل الأوان، رغم أنه كان مفوضا فقط بالقيام بمهام الرئيس وليس رئيسا.
المهم أن العواصف لم تهدأ، وأن الأشغال استمرت إلى
غاية الرابعة صباحا جرى خلالها قراءة التقريرين الأدبي والمالي، وأجلت مناقشتهما إلى
اليوم، وهي بكل تأكيد ستأخذ الكثير من الوقت، لأن بهما الكثير من الهفوات والأخطاء،
قبل الانتقال إلى انتخاب المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد، الذي يظن البعض أنه محسوم،
بدليل اللائحة، التي تروج شفويا، والتي على رأسها العلام، وتضم مصطفى لغتيري، وأحمد
الكبيري، ومليكة نجيب، ووداد بنموسى، اللتان جرى اللجوء إليهما من أجل تأثيث المكتب
بعناصر نسوية. لكن الأمور لن تكون بهذه السهولة، لأن هناك من الأعضاء من عبر عن رغبته
في الترشح، وصار يشتغل لجمع الأصوات لصالحه. فهل سينجح المؤتمر في استكمال أشغاله،
وإفراز مكتب يضم عناصر تستطيع تحمل مسؤولية الاتحاد الجسيمة؟
0 التعليقات: